عند التخطيط للحمل، يُعتبر حمض الفوليك (فيتامين ب9) أحد أهم المكملات الغذائية التي يجب على كل امرأة التركيز عليها. على الرغم من بساطته، إلا أن دوره حاسم وحيوي في حماية صحة الجنين منذ اللحظات الأولى لتكوينه. هذا الدليل يوضح لكِ كل ما تحتاجين معرفته عن هذا الفيتامين الأساسي.
لماذا حمض الفوليك ضروري جداً قبل الحمل؟
السبب الرئيسي والأكثر أهمية لتناول حمض الفوليك قبل الحمل هو الوقاية من عيوب الأنبوب العصبي (Neural Tube Defects - NTDs) لدى الجنين.
- ما هو الأنبوب العصبي؟ هو التركيب الأولي في الجنين الذي يتطور لاحقاً ليُشكّل الدماغ والعمود الفقري والحبل الشوكي.
- متى يتكون؟ تحدث عملية تكوين وانغلاق الأنبوب العصبي في وقت مبكر جداً من الحمل، تحديداً خلال الأسابيع الأربعة الأولى بعد الإخصاب. هذه فترة حرجة جداً، وغالباً ما تكون قبل أن تدرك المرأة أنها حامل.
إذا لم يتوفر ما يكفي من حمض الفوليك في جسم الأم خلال هذه الفترة الدقيقة، قد لا ينغلق الأنبوب العصبي بشكل صحيح، مما يؤدي إلى تشوهات خلقية خطيرة، أشهرها "السنسنة المشقوقة" (Spina Bifida)، والتي يمكن أن تسبب إعاقات جسدية وعقلية دائمة.
لذلك، فإن بناء مخزون كافٍ من حمض الفوليك في جسمكِ قبل حدوث الحمل هو خط الدفاع الأول لضمان نمو سليم للجهاز العصبي لطفلك.
متى يجب أن تبدئي بتناوله وما هي الجرعة؟
التوصية الطبية العالمية واضحة ومباشرة:
- التوقيت: يجب على كل امرأة تخطط للحمل البدء بتناول مكملات حمض الفوليك قبل شهر واحد على الأقل من البدء بمحاولة الإنجاب، والاستمرار عليه يومياً خلال الأشهر الثلاثة الأولى من الحمل على الأقل.
- الجرعة القياسية: الجرعة الموصى بها لمعظم النساء هي 400 ميكروغرام (mcg) يومياً.
- الجرعات العالية: في بعض الحالات، قد يوصي الطبيب بجرعة أعلى (تصل إلى 5000 ميكروغرام أو 5 ملغ) إذا كان هناك تاريخ عائلي لعيوب الأنبوب العصبي، أو في حال وجود حالات طبية معينة مثل السكري أو الصرع. يجب دائماً استشارة الطبيب لتحديد الجرعة المناسبة لكِ.
ماذا لو لم أكن أخطط للحمل؟ نظراً لأن حوالي نصف حالات الحمل تحدث دون تخطيط مسبق، توصي العديد من الهيئات الصحية، مثل مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC)، جميع النساء في سن الإنجاب (من سن المراهقة حتى سن اليأس) بتناول 400 ميكروغرام من حمض الفوليك يومياً كجزء من روتينهن الصحي العام.
فوائد أخرى لحمض الفوليك
بالإضافة إلى دوره الحاسم في حماية الجنين، يقدم حمض الفوليك فوائد أخرى:
- للنساء: يساعد في إنتاج خلايا الدم الحمراء والوقاية من نوع معين من فقر الدم، ويدعم نمو الخلايا بشكل عام.
- للرجال: كما ذكرنا في دليل خصوبة الرجل، حمض الفوليك ضروري لإنتاج حيوانات منوية سليمة وخالية من التشوهات الكروموسومية، مما يحسن من جودتها ويدعم الخصوبة.
الخلاصة: إن تناول حمض الفوليك هو خطوة بسيطة، غير مكلفة، وفعالة للغاية يمكنكِ اتخاذها لزيادة فرصك في الحصول على حمل صحي وطفل سليم. لا تنتظري حتى تتأكدي من حملكِ، بل اجعليه جزءاً من استعدادك لرحلة الأمومة.